ماذا تعرف عن الأحواز؟


ماذا تعرف عن الأحواز؟



بقلم الكاتبة المغربية

أمينة نفير

لطالما ردد أناس عاديون وحتى طلبة جامعيون هذا السؤال على مسامعي : ما هي الأحواز؟ فكلما ذكرتها في حديثي، أو أتيت على النطق بإسمها، ألمح لديهم نظرة استغراب لعدم معرفتهم لها، وعدم سماعهم باسمها من قبل.

يعود هذا الجهل للقضية الأحوازية أو تجاهلها لأسباب عديدة، إذ يرجع تارة إلى الطمس الثقافي و القومي الذي يمارسه المحتل الفارسي ضد هذا الإقليم والعرب القاطنين فيه، وتارة للتجاهل الإعلامي العربي والدولي لهذا الجزء من الوطن العربي، وتارة للظروف الإقليمية والعربية التي كانت تشغل الساحة العربية بقضايا أخرى على حساب قضية الأحواز العربية المهمة، والمشكل أن هذا التجاهل والإغفال ليس فقط على المستوى الرسمي ولكنه أيضا على المستوى الشعبي العربي مما يجعل شعبنا العربي بالأحواز إضافة إلى معاناته مع الإحتلال، يعاني من العزلة والتغريب القومي

وإذ يصادف اليوم 20/04/2012، ذكرى إحتلال الأحواز العربية من طرف إيران، فإنني أستغل هذه الفرصة، لأعرف بالقضية العربية الأحوازية، وألقي الضوء على أهم جوانبها، وأهم الأحداث التي شهدتها عربستان منذ إحتلالها إلى يومنا هذا

الأحواز العربية أو عربستان، والتي يطلق عليها الإيرانيون إسم “خوزستان” (أي بلاد القلاع و الحصون)، هي جزء لا يتجزء من الوطن العربي، إذ تشكل القسم الشمالي الشرقي من الوطن العربي حيث تتموقع جغرافيا في الجنوب الشرقي من العراق، وتمتد على طول الساحل الشرقي للخليج العربي، من شمال شط العرب شمالا، إلى مضيق هرمز جنوبا، فيما تفصل بينها وبين بلاد فارس، سلسلة جبال زاغروس.

تبلغ مساحة الأحواز العربية حسب أدق الدراسات، 348 ألف كم مربع، ويبلغ عدد سكانها العرب أكثر من عشرة مليون نسمة

وتعتبر الأحواز العربية من أخصب الأراضي في المنطقة، وتمثل أهمية إستراتيجية بالغة من النواحي، الجغرافية، السياسية، الإقتصادية والتجارية، وامتدادها على الساحل الشمالي والشرقي للخليج العربي جعل منها واجهة بحرية بامتياز عبر موانئها ومنافذها البحرية، ومما زاد الأحواز العربية أهمية بالغة إضافية، هو ظهور النفط فيها منذ عام 1908م، والذي كان سببا من بين أسباب احتلالها.

بدأت قصة معاناة الأحواز العربية في العشرين من نيسان عام 1925، عندما قامت إيران بتحالف مع القوى الإستعمارية البريطانية بحياكة مكيدة لأمير الأحواز آنذاك“الشيخ خزعل الكعبي”، حيث تم استدراجه ومن ثم اعتقاله هو ومرافقيه، واقتيد بعدها إلى سجن في طهران، ظل فيه حتى سنة 1936 حيث ثم إغتياله هناك.

وفي نفس الوقت قامت القوات الإيرانية بقيادة “رضا خان بهلوي”، وبمساعدة بريطانية، بشن هجومها العسكري على الأحواز العربية ومن ثم احتلالها.

ويمكن تلخيص الأسباب التي ساهمت في احتلال الأحواز العربية فيما يلي :

· وصول “رضا خان بهلوي”إلى السلطة في بلاد فارس، وهو الذي يمثل العنصرية الفارسية المعادية للقومية العربية، إذ ومنذ توليه الحكم، عمل على محو كل أثر للعروبة والحضارة العربية في أرض الأحواز، كما سعى إلى فصل الروابط التي تصل الشعب العربي الأحوازي بأمته العربية

· ضعف البنية الداخلية للمجتمع الأحوازي، نتيجة لما أصابه من فقر ومرض وجهل وانعدام للوعي السياسي والإجتماعي في زمن الإمارة الكعبية

· موقع الأحواز العربية الإستراتيجي وغناها بالثروات الطبيعية، بالإضافة إلى اكتشاف النفط فيها سنة 1908 .

· اشتداد الصراع على المصالح في منطقة الخليج العربي بين روسيا والغرب، خاصة بعد وصول الشيوعيين إلى السلطة بقيادة لينين عام 1917


· دعم القوى الإستعمارية البريطانية للإحتلال الفارسي للأحواز العربية، يقابله موقف متفرج للحكام العرب، مما اعتبر مساهمة غير مباشرة في النكبة الأحوازية

ومنذ اليوم الأول لإحتلال الأحواز العربية (عربستان)، قام الإحتلال الفارسي بمجموعة من الحملات والإجراءات التعسفية التي كان الهدف منها هو طمس الهوية العربية للأحواز وإنهاء ارتباطها الثقافي والتاريخي بعروبتها وربطها بالتاريخ الفارسي، فقامت السلطات الفارسية بتدمير المدن والقرى العربية بالأحواز، وتغيير أسمائها (أي المدن العربية) إلى أسماء فارسية، فعاصمة الأحواز العربية التاريخية“المحمرة” تم تغيير إسمها إلى “خورمشهر”، ومدينة “عبادان” إلى “آبدان”، حتى أسماء الشوارع والأسماء الشخصية للأسر العربية الأحوازية لم تنجوا من سياسة التفريس، هذه الأخيرة التي طالت حتى التعليم، حيث تم منع تدريس اللغة العربية بالمدارس، وفرض مكانها التعليم باللغة الفارسية ،كما تمت مصادرة الكتب العربية ومنع حملها أو قراءتها

وفي إطار سياسة التفريس أيضا ، يمنع على الشعب العربي الأحوازي ارتداء الزي العربي، أو وضع الكوفية التي ثمتل الثورة العربية، كما يمنع التكلم باللغة العربية في الأماكن الرسمية والإدارات العمومية، سعيا من المحتل الفارسي إلى محو كل مظهر من مظاهر عروبة الأحواز

أكثر من ذلك، فقد قام المحتل الفارسي باقتطاع أراضي من الأحواز العربية وضمها إلى مدن إيرانية مجاورة،كما عمل على تهجير الأسر العربية المقيمة في عربستان إلى مناطق الشمال الإيراني لإحلا ل الأسر الفارسية مكانها، وقد قام سنة 2009 ببناء جدار فاصل بين حي بالأحواز العربية اسمه “حي الثورة ” وبين حي فارسي، تكريسا منه للعنصرية الفارسية في عدم مخالطة العرب

كما نهج سياسة التجويع للشباب العربي الأحوازي لإنعدام فرص الشغل، مما يدفعهم إلى الهجرة إما إلى الداخل الإيراني أو إلى خارج البلاد، وذلك بغية إبعادهم عن وطنهم وإنتمائهم وبالتالي فقدهم لهويتهم العربية

هذا ولا ننسى استخدام قوات الإحتلال الفارسي أبشع أساليب القمع والإضظهاد بحق السكان العرب بالأحواز العربية، وذلك عبر التجويع، والتشريد والإعتقالات التعسفية، والملاحقة والقتل، وبإعدام الشباب العربي الأحوازي بدون أي محاكمة، من أجل إرهاب باقي الأهالي وتقوم إيران باستغلال الموارد والثروات الطبيعية للأحواز العربية، إذ تشير آخر الإحصائيات إلى الآتي

1.يمثل النفط في الأحواز العربية حوالي 87% من النفط الإيراني المعتمد،

2.يمثل الغاز المستخرج من الأراضي العربية الأحوازية نسبة 90% من مجمل الغاز الإيراني،

3.يتم إنتاج 74% من الطاقة الكهربائية الإيرانية من المصادر الطبيعية الأحوازية،

4.علما أن الأحواز العربية تشتهر بوفرة مياهها، إذ تمر منها 5 أنهار، أهمها :نهر الكارون ونهر الكرخة، فإن مياهها تمثل نصف المخزون المائي الإيراني ،

5.ونظرا لخصوبة الأراضي العربية الأحوازية، فإن إنتاجها من القمح يمثل حوالي النصف من مجمل الإنتاج الإيراني،

6.يمثل إنتاج عربستان من الحبوب حوالي 40% من الإنتاج الإيراني،

7.ويمثل إنتاجها من الثمور نسبة 85 % من الإنتاج الإيراني. تنتجها أكثر من أربعة عشر مليون نخلة عربية أحوازية

ومنذ اليوم الأول للإحتلال، قامت الثورات الأحوازية في مواجهة المحتل الفارسي، حيث شهدت (عربستان) أكثر من خمس عشرة انتفاضة وثورة شعبية، نذكر من أهمها :

· انتفاضة عام 1979 التي قام بها الشعب العربي الأحوازي ليقاوم محاولة السلطات الفارسية إغلاق المراكز السياسية والثقافية العربية في عربستان، حيث شهدت هذه الأخيرة إثر ذلك مجموعة من الإعدامات العشوائية في حق العرب الأحوازيين،

· وفي سنة 1985، تجددت الثورة الأحوازية، حيث قامت إنتفاضة شعبية عارمة في كل انحاء عربستان، احتجاجا على مقال نشر في صحيفة إيرانية وجه إهانات للعرب في الأحواز بشكل خاص وللأمة العربية بشكل عام، وقد جاءت هذه الإنتفاضة في ظل الحرب العراقية-الإيرانية والتي كان لها طابع قومي عربي

· ثم اندلعت عام 1994مواجهات دامية بين قوات الأمن الفارسية وبين العرب الذين صودرت أراضيهم في إطار مشروع قصب السكر، والتي قتل وجرح فيها العشرات من أصحاب الأراضي،

· ومع مطلع سنة 2000، انتفض أهالي عبادان، واندلعت مواجهات دامية بينهم وبين قوات الإحتلال الفارسي، احتجاجا على ثلوت مياه الشرب، هذه المواجهات خلفت عددا كبيرا من القتلى و الجرحى،

· وفي عام 2003، وقعت مصادمات عنيفة بين قوات الأمن الفارسي والعرب في الأحواز، بعد مداهمات قامت بها قوات الشرطة الإيرانية، ودخول بعض البيوت ومصادرة “أطباق الستالايت”، إذ أصبح الشعب العربي الأحوازي ينفتح ويتواصل إعلاميا مع العالم الخارجي الذي بدأ شيئا فشيئا يتعرف على قضيته،

· وكانت اخر الثورات التي شهدتها الأحواز العربية هي الإنتفاضة المجيدة التي اندلعت في الخامس عشر من شهر نيسان لسنة 2005، على إثر تسرب وثيقة تنص على ضرورة تفريس ثلثي سكان عربستانونوزيعهم على مختلف المناطق الإيرانية

هذا ولاتزال الأحواز العربية تعيش حالة استنفار دفاعا عن وجودها وهويتها العربية وعن استقلالها وحريتها من الإحتلال الفارسي الغاشم

وقد حان الوقت لتأخذ قضية عربستان مكانتها داخل الأجندة العربية الرسمية، كما آن الآوان للشعب العربي أن يتعرف على أشقائه في الأحواز العربية ويطلع على معاناتهم، ويدافع عن قضيتهم التي هي قضية العرب كلهم، إذ لا يعقل أن يظل جزء من الوطن العربي محتلا منذ ما يزيد عن 87 سنة ومنا من يجهل حتى موقعه الجغرافي !!

وفي الأخير يجب التأكيد على أن تاريخ الأحواز العربية السياسي والإجتماعي حافل برفض الإستسلام أو الخضوع أو الإعتراف بالحكم الفارسي عليه، لإدراك العرب الأحوازيين حقهم التاريخي والثقافي والقومي في عروبتهم وانتمائهم للأمة العربية وأن عربستان جزء لا يتجزء من الوطن العربي، ولعل أقل واجب علينا اتجاه قضيتنا العربية الأحوازية هو إخراجها من غياهب النسيان والتجاهل، والتعريف بها والدفاع عنها، فهي أبدا لا تقل أهمية عن باقي قضايا الأمة.



منقول













تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

خطة جهنمية للزواج من الثانية - ممنوع دخول النساء

معنى كلمة وديمه

لماذا يسمى الحمار مصري