الوضع الأسري في أوروبا

الوضع الأسري في أوروبا



‏سافرت على متن الخطوط الفرنسية في رحلة طويلة من باريس إلى الرياض وجلس بجواري رجل ألماني اسمه "وولف" يسكن في باريس ويعمل مهندسا مدنيا في شركة "وولدن" إحدى كبريات شركات تنفيذ مترو الأنفاق في العالم.

أخبرني وولف أن لديه مهمة عمل لمدة أسبوع في العاصمة الرياض للوقوف على سير إحدى خطوط مترو الرياض التي  تنفذ شركته  جزءاً منه.

‏بعد أن سألته عن المشروع وتوقعاته المستقبلية تغير الحديث إلى محور آخر فسألته عن حالته الاجتماعية فذكر أنه يبلغ من العمر ٥٨ عاما ولديه ثلاثة أولاد وقد طلق زوجته منذ ثمانية أعوام تقريباً وهو الآن وحيدا مع كلبه!!

سألته عن سبب الطلاق فقال: "عندنا في الثقافة الأوروبية النساء في سن الخمسين غالبا ما تبحث عن شبابها الضائع على حد زعمها فتلبس أزياء لا تليق بالمسنات فتتفرغ لذاتها متجاهلة شريك حياتها، وتصبح مزعجة جداً فتتأثر العلاقة فيحدث الطلاق، وهذا ما حدث معي!"

سألته عن أولاده هل هم متزوجون فتبسم بسمة ساخرة قائلا: "ماذا قلت؟ زواج؟!

‏الزواج عندنا ليس إلا ورقة ليس لها أي قيمة إنها مجرد علاقة حب مؤقتة تسجل ثم تمزق في فترة وجيزة!"

‏استطرد قائلاً: "لقد أصبح الوضع الآن أسوأ من ذي قبل؛ فبين كل ١٠ حالات زواج لا تنجح إلا واحدة أو اثنتان إن كنّا متفائلين، ‏والشباب والفتيات يبحثون عن الحب، وأقوى علاقة حب عمرها الافتراضي قد لا يتجاوز ١٠ سنوات، ويجب علينا أن نعيد النظر ونصحح هذا الفكر الخاطيء الذي يبني العلاقة الزوجية على الحب فقط!" ثم قال: "في غضون العشرين سنة القادمة سيجتاحكم هذا البلاء، وأتمنى أن لا يحدث، ولكن نحن في أوروبا بالغنا في حقوق المرأة فتفرغت لمسؤوليات ليست لها، وتركت مسؤوليتها الأساسية، فزاد حجم تطلعاتها حتى إنها الآن تسعى لتكون المهيمنة على الرجل، وأنها ستكون مسؤولة عن حمايته والولاية عليه!!"

انفجر ضاحكاً عندما أطلق عبارته الأخيرة، ثم قال: "الآن في المكاتب الإدارية  في أوروبا تجد امرأة ورجل، ولا تستطيع أن تتخيل صعوبة العمل مع المرأة، فحين تدخل المكتب تظن أنه هناك انسجام ولكن الحقيقة أن التوتر هو السائد في تلك المكاتب البائسة!!

إننا في أوروبا بالغنا في صناعة الحضارة ولكننا فقدنا ما هو أهم منها، وقد أفقنا على واقع أليم، أفقنا على غياب الهوية؛ فهويتنا الاجتماعية صارت ممسوخة ..

إن الشراب والجنس أصبحا متنفسا للكثير من الأوروبين اليوم في ظل هذه الفوضى الاجتماعية وتشتت الهوية وضبابية الرؤية الصحيحة لما ينبغي أن يبنى عليه المجتمع!!"

تنهد بكل حسرة وألم ثم قال: "بعد طلاقي من زوجتي انكفأت على ذاتي فاكتشفت الكثير عن نفسي، ووجدت فرصة كبيرة لسبر أغوار ذاتي".
‏فسألته: "هل تفكر في الزواج؟"
‏فقال: "إطلاقا، فقد وجدت راحة كبيرة في البعد عن المرأة الأوروبية وتفكيرها العقيم!!

إن تقليدكم الأعمى لثقافة الجندرة والدفاع عن المرأة التى ضحك بها عليكم الغرب سوف يؤدي إلى التفكك الأسري وضياع الهوية وموت القيم في الشرق بعد تجربة الغرب".

أيها الأحبة هذا جانب من حديث عفوي دار بيني وبين أحد الأوروبيين يُبين مدى مرارة واقعهم، في حين أزعجتنا بعض أصوات الناعقين لاستنساخ  الثقافة الغربية والتبشير بالجندرة

والدفاع عن حقوق المرأة وأهمية الأنوثة بالضد من الذكورة الطاغية، وغيرها من المفاهيم الغربية التي شاعت بعد عصور الحداثة والعلمنة والعولمة، وإحلالها محل قيمنا وثقافتنا الأصيلة في بلادنا.

وليت شعري ماذا ستجلب لنا تلك الأصوات المريضة والشاذة سوى الفوضى الأخلاقية والمشاكل الأسرية وفقدان الهوية؟

ليس هناك ما يمنع من الاستفادة من الثقافة الغربية ونقل الجوانب المشرقة منها إلى بلادنا، ولكن لا بد أن نمررها على مصفاة قيمنا الإسلامية وثقافتنا الأصيلة، فالحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق بها.

اللهم أصلح فساد قلوبنا واجمع شتات أمورنا ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا وردنا إليك رداً جميلاً


‏[رسالة من كاتبها]




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

خطة جهنمية للزواج من الثانية - ممنوع دخول النساء

معنى كلمة وديمه

لماذا يسمى الحمار مصري